شغب الملاعب الرياضية لكرة القدم موضوع الندوة العلمية التي نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير.

آخر تحديث : الإثنين 3 يونيو 2024 - 11:10 مساءً
2024 06 03
2024 06 03
ifninews

احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بايت ملول في الفترة الصباحية ليوم الاربعاء 29 ماي 2024 في اطار الملتقى الدولي الأول لمناهضة ظاهرة الشغب والعنف بالملاعب الرياضية، الندوة العلمية الأولى تحت عنوان: السياسة الجنائية والاستراتيجية الأمنية، روافد التصدي لشغب الملاعب وتدبير الأزمات الرياضية.
افتتحت أشغال هذه الندوة بجلسة ترأسها الدكتور ادريس كركين أستاذ القانون الخاص بكلية القانون أيت ملول والذي رحب بالحضور الكريم من أساتذة وطلبة وممارسين منوها في نفس الوقت بموضوع الندوة لما له من راهنية في وقتنا الحاضر، لكونه جزء لا يتجزأ من القانون الجنائي، ويشكل نواة أساسية لمكافحة الشغب والعنف في الملاعب الرياضية، كما أثنى على اللجنة المنظمة بشراكة مع مختبر الدراسات والأبحاث في العلوم الاقتصادية والتدبير بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بأيت ملول على حسن التنظيم ومساهمة المختبر في أنشطة هادفة تعمل على تجويد البحث العلمي وضمان تجربة تعليمية مثمرة للطلبة.

بعد ذلك تم افتتاح أشغال الجلسةالأولى والتي أطرها أساتذة أكاديميون وباحثون وممارسون في مجال الأمن الوطني، حيث كان عدد المداخلات خمسة، حاولت أن تعالج الموضوع من زوايا مختلفة، فساهمت بذلك في الكشف عن الاشكالات القانونية والعملية المتعلقة بظاهرة الشغب والعنف الذي تعاني منه الملاعب الرياضية الخاصة بكرة القدم، في محاولة جادة لمناقشة وتحليل المستجدات التي جاء بها القانون09.09 في تعزيز الحماية الجنائية للأنشطة الرياضية والمساهمة في ضمان الأمن لكل المتدخلين في هذا المجال من جمهور وجمعية المشجعين ولاعبين واداريين وحكام ومحيط الملاعب.
وفي هذا الصدد تطرق رئيس قسم الأمن الرياضي بمديرية الأمن الوطني محمد بوزفور في معرض مداخلته الأولى الى الاستراتيجية التي نهجتها مديريةالأمن الوطني لتأمين الفرجة الرياضية ومواجهة ما يقع في الملاعب من عنف وشغب،وأوضح المتدخل أن قانون09.09 الذي تم سنة 2010 مكن المصالح الأمنية من محاربة جريمة الملاعب وأعطاها اضافة نوعية لكي تتعامل معها بأريحية،وأشار الى أن المقاربة الأمنية لمعالجة ظاهرة الشغب هي جزء من الحل وليس الحل ككل، مؤكدا على ضرورة تواصل مكاتب النوادي الرياضية مع الألتراس واشراك جمعياتهم في التنظيم وتحسين ظروف ولوج الملاعب، وفي سياق اخر أبرز السيد بوزفور غياب بند يتعلق بالقاصرين في نص القانون09.09، داعيا الى احداث خليه للتفكير تضم ممثلين عن وزارة الداخلية والعدل والحريات والشباب والرياضة والمديرية العامة للأمن الوطني قصد بلورة نص كفيل بالحد من أعمال الشغب التي تقوم بها هذه الفئة من القاصرين.
وفي المداخله الثانية للأستاذ فهمي بوشعيب قائد أمني اقليمي، حاول التركيز على دور السياسة الجنائية في مكافحة الشغب الرياضي، من خلال استراتيجية أمنية محكمة تعتمد على كفاءة وتكوين أطر الأمن الوطني مع التحضير المسبق لتأمين التظاهرات الرياضية التي تعرف توسعا في مجالها الجغرافي كالملاعب والمقاهي والشوارع العامة والمحطات الطرقية… كما أكد على توسيع مجال المسؤولية الجنائية المتعلقة بشغب الملاعب لتشمل الجمهور واللاعبين والمشرفين على تنظيم التظاهرة الرياضية والمشجعين، وفي نفس الوقت أشار المتدخل الى المرسوم الذي يخص احداث لجن محلية لتدبير مكافحة الشغب في الملاعب الرياضية، علما أن غالبية المتورطين في هذه الأحداث هم من فئة القاصرين.

وفي المداخله الثالثة للدكتور حكيم التوزاني أستاذ القانون العام بكلية القانون أيت ملول تساءل فيها عن السياسة التشريعية التي يمكن نهجها لضبط التظاهرات الرياضية من الانفلاتات الأمنية من خلال مقاربة الواقع واستشراف الافاق المستقبلية، مركزا في نفس الوقت على الأهداف النبيلة للرياضة كتكريس القيم الانسانية وتوطيد العلاقات الدبلوماسية بين الدول والشعوب، ويضيف الأستاذ أن مجال العنف الرياضي واسع ومظاهره متعددة منها ما هو لفظي وما هو جسدي ومعنوي… كما أبدى ملاحظاته حول الأسباب المؤدية الى عنف الألتراس كضعف التأطير وغياب التواصل مع الأندية وتأجيج مواقع التواصل الاجتماعي باستعمال عبارات الاحتقان والتحريض على العنف، وفي سياق متصل أبرز المتدخل أن القانون09.09 يجمع بين البعد الوقائي والردع الجنائي رغم ما يكتنفه من ملاحظات كاقحامه ضمن مجموعة القانون الجنائي العام بدل استقلاليته عنه واختيار عنوان غير مناسب لما ورد في مواده وفقراته مما يجعله في نظر الأستاذ المتدخل معيبا في صياغته، فضلا عن افتقار هذا القانون لمنهجيه سليمة في تقسيم مواده وتعدد تجريماته، مما انعكس سلبا على طريقة توظيف تقنية الاحالة سواء الداخلية او الخارجية الصريحة أو الضمنية.
وفي تدخل الأستاذ مصطفى يخلف باحث في قانون الرياضة ومحامي بهيئة أكادير وكلميم والعيون، تطرق الى أن الشغب كسلوك يمكن أن يصدر من اللاعبين والاداريين والحكام ورجال الأمن والجمهور، كما أن أسبابه متعددة منها ما يرجع الى عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية اضافة الى تراجع دور الأسرة والمدرسة والجامعة في التأطير وفشل المقاربة الأمنية والتأثير السلبي لبعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمشاحنات الزائدة بين المشجعين…وأضاف المتدخل أن المقاربة السليمة لمكافحة عنف الملاعب ينبغي أن تعتمد على الاليات الوقائية والحمائية قبل الاليات الزجرية وذلك في اطار تشاركي بين كل المتدخلين، كعقد لقاءات بين الأندية وممثلي الجماهير/ الألتراس/ تنصب على أمور التوجيه والتحسيس والتأطير، مضيفا كذلك الى أن أغلبية ضحايا العنف الرياضي يجدون أنفسهم بالصدفة متهمين بجريمة شغب الملاعب مما يثير تساؤلات كثيرة حول مركزهم القانوني في مثل هذه الأحداث علما أن الهدف من الرياضة هو المتعة وليس العكس كما يرى ذلك المتدخل.
وفي مداخلة الدكتور محمد هنوش أستاذ القانون الخاص بالكلية أشار فيها الى أهم التحديات الأمنية التي تحدث أثناء هذه التظاهرات الرياضية كتخريب الممتلكات العامة والخاصة والاعتداء الجسدي والمادي على الأشخاص، معتبرا العنف كمتنفس لمجموعة من المكبوتات والاحتقانات الناتجة عن الفقر والتهميش الاجتماعي والاقتصادي فضلا عن عوامل نفسية أخرى يعاني منها مرتكبي هذه السلوكات الجانحة، وهذا ما يستدعي في راي المتدخل أن تكون مقاربة هذه الظاهرة شمولية تجمع بين الجوانب الأمنية والقانونية والاجتماعية والثقافية، مضيفا في نفس الوقت أن المجال المكاني للعنف الرياضي واسع حسب ما ورد في القانون09.09 اذ يشمل الملاعب الرياضية ومحيطها والشوارع والمقاهي والمحطات الطرقية …مما جعل مسرح الجريمة يمتد الى فضاءات أخرى لها علاقه بالتظاهرات التي على اثرها تحدث بعض مظاهر الشغب والعنف،وأضاف المتدخل الى أن للجريمه ثلاثة أركان أساسية هي الركن القانوني والركن المادي والركن المعنوي، الا أن الجريمة الرياضية أحيانا تشكل استثناء فيما يخص الركن المعنوي الذي لا يشترط في بعض حالات العنف التي تنتج عن طريق الصدفة حيث تغيب النية الاجرامية لدى الجاني، وفي الأخير يرى الأستاذ المتدخل أنه لا داعي في الوقت الراهن من المطالبة باستقلال هذا القانون المتعلق بمكافحة العنف الرياضي عن مجموعة القانون الجنائي ما دام أن القانون الأم يستطيع أن يؤطر مظاهر العنف الرياضي سواء على مستوى التجريم او العقاب تفاديا لتشتت النصوص الجنائية في قوانين خاصة.
وفي الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتور عبد الرحيم خالص أستاذ القانون الخاص بكليه القانون ايت ملول كان موضوعها هو الفن كوسيلة تعبيرية لمكافحة العنف الرياضي، تخللتها ثلاث مداخلات، كانت المداخلة الأولى من طرف الأستاذ البشير شعشاعي رئيس جمعية أكادير للفنون التشكيلية حيث ركز فيها على بعض الأنشطة الفنية التي ساهمت بها الجمعية من أجل مكافحة شغب الملاعب الرياضية وذلك بانحراط أعضائها في تأطير ورشات تكوينية للتحسيس بخطورة الظاهرة التي استفحلت بشكل ملفت في الاونه الأخيرة، مضيفا أن تجربته كأستاذ لمادة التربية التشكيلية لمدة طويلة في المؤسسات التعليميه أثبتت له دور التربية الفنية والتشكيلية في نمو شخصية التلميذ واذابة ميول الشغب والعنف لديه واتاحة الفرصة لتسوية سلوك الجانحين من التلاميذ، مشيرا الى أن شغب الملاعب هو نتاج ظروف اجتماعية خلت من قدوة مجتمعية، ودعا كافة المتدخلين وخاصة في المؤسسات التعليمية للاسهام الايجابي والفعال في اعتماد برامج الفن التشكيلي في المناهج الدراسية والتربوية واعتبارها مادة أساسية كبقية المواد الأخرى عوض التعامل معها كمادة تكميلية،لأن الهدف من تدريسها ليس هو اعداد فنان تشكيلي بل تكوين مواطن صالح يستطيع التعايش في بيئة سليمة من كل أشكال العنف.

وفي التدخل الثاني للدكتوره الزوهرة مكاش أستاذة الأدب الفرنسي بكلية الاداب بأكادير ركزت فيه على دور المسرح في الحد من العنف مشيرة الى أن ظاهرة العنف والشغب سواء في الملاعب الرياضية أو في فضاءت أخرى ليست وليدة اليوم بل منذ سنوات خلت والعنف الرياضي يستفحل بدرجات متفاوتة في مجموعة من دول العالم، وفي هذا الاطار تقول المتدخلة أن الفن المسرحي من شأنه أن يلعب دورا مهما في مواجهة العنف والشغب بكل أنواعه اذا ما أتيحت له ظروف انتاجية مناسبة تعبد له الطريق ليكون أكثر فاعلية في المجتمع، الا أن دور المسرح كما ترى المتدخلة ليس فقط تكوين الممثلين او الكوميديين بل هو تكوين مواطنين صالحين من خلال التفاعل الايجابي الذي يخلقه المسرح بين المتفرج والعرض المسرحي الذي يتضمن نصوصا وخطابات بدلالات عميقة تحمل في طياتها دعوة للتسامح والتعايش ونبذ العنف بكل أشكاله.
وفي التدخل الثالث الذي كان عن بعد للدكتور اسماعيل أولحاج علا استاذ باحث في الأدب والفن بكلية الاداب باكادير حيث تناول دور القصص المصورة في الحد من العنف عموما وعنف الملاعب الرياضية خصوصا حيث ركز على الرسائل التي تميز هذا الفن التعبيري باعتماده على النص والصورة لايصال مضامنه الى المتلقي، مما يجعله أداة فعاله لتغيير السلوك السيء لدى الشباب وخاصة حينما يتعلق الأمر بشغب الملاعب الرياضية، مضيفا أن بامكان هذا الفن التعبيري أن يساهم من خلال ما يتضمنه من قصص في الحد من ظاهرة العنف الرياضي بكل أنواعه نظرا لما تتميز به محتوياته من اجتذاب ميول القراء.
وفي ختام هذه الجلسة الثانية انتقل الحضور الكريم الى قاعة خاصة لافتتاح معرض لوحات الفنون التشكيلية من تنظيم جمعية أكادير للفنون التشكيلية صحبة رئيس الجمعية وكان ذلك في رواق يضم عدة لوحات لمجموعة من الفنانين التشكيليين ساهموا بها لفائدة الجمعية في وقت سابق، وكانت تلك فرصة لزائري المعرض للتواصل والتفاعل مباشره مع اللوحات الفنية في أجواء سافرت بالحاضرين الى تجارب الفنانين وخبراتهم المتراكمة بين مدارس الفن التشكيلي.
تقرير من انجاز: سليمان لبيب.

ifninews
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

لا يسمح بنشر التعليقات المسيئة أو التي تحمل كلمات نابية أو التي تمس بالدين والوطن والحرمات ..