تيزنيت تحتفي بأحمد بن أكرى: نوستالجيا فنية تربط الماضي بالحاضر

في إطار الدخول الثقافي الجديد لعام 2024-2025، نظمت جمعية آباء وطلبة المعهد الموسيقي الحاج بلعيد، الأحد 29 شتنبر 2024، أمسية فنية مميزة بعنوان “نوستالجيا الفنان أحمد بن أكرى” بالمعهد الموسيقي والفن الكوريغرافي الريس الحاج بلعيد بمدينة تيزنيت، وقد شكلت هذه المناسبة فرصة لتسليط الضوء على أحد أعلام الفن الأمازيغي والموسيقى الشعبية بالمنطقة، الذي بصم مسيرته الفنية بلمسات خالدة خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

الحفل الذي أقيم تكريما للفنان أحمد بن أكرى، ابن مدينة تيزنيت، كان بمثابة جسر ثقافي يربط بين أجيال الماضي والحاضر، حيث ساهمت هذه اللقاءات في تقريب تجارب ورؤى الفنانين القدامى إلى الشباب، الفنان أحمد بن أكرى، الذي نشأ بمدينة تيزنيت، وبدأ رحلته الدراسية في ثانويتي مولاي رشيد والمسيرة الخضراء، كان متأثرا بموسيقى ناس الغيوان التي كان يتابعها عبر الإذاعة الوطنية، هذه التأثيرات شكلت نواة انطلاقته الفنية مع تأسيس مجموعة “أودادن” سنة 1974، والتي نهلت من طريقة مجموعة “أزنزارن” في نمطها الموسيقي.

مسيرة بن أكرى لم تقتصر على الفن فقط، فقد كان أيضا رياضيًا نشطًا في نادي أمل تيزنيت لكرة القدم، حيث لعب لمدة أربع سنوات قبل أن تتوقف مسيرته الرياضية. لكنه سرعان ما عاد ليكمل دراسته الجامعية في شعبة التاريخ والجغرافيا بالدار البيضاء، حيث انخرط في العمل الثقافي والفني عبر عدة جمعيات، مما عزز من تجربته الفنية.

بعد فترة من التألق في الدار البيضاء، حيث كانت له عدة مشاركات مهمة مع مجموعة “ابرازن” في مهرجانات كبرى مثل مهرجان الحسيمة سنة 1985، قرر أحمد بن أكرى الهجرة إلى فرنسا سنة 1990. هناك استكمل دراسته وأسس مجموعة فنية جديدة تحمل اسم “ابرازن باريز”، ليواصل مسيرته في نشر الفن الأمازيغي بالخارج، كما عمل في إذاعة بباريس لمدة أربع سنوات، مما منحه منصة جديدة للتواصل مع الجاليات المغربية وتعزيز الذاكرة الثقافية الفنية.

تميزت الأمسية بمشاركة مجموعة من الأسماء التي شكلت علامة بارزة في الساحة الفنية المحلية والوطنية، إذ تم توزيع تذكارات وشهادات تقديرية وباقات ورد على عدة وجوه فنية، من بينهم أحمد بن أكرى، الذي تم تكريمه نظير ما قدمه للفن الأمازيغي، ومحمد الوافي بباقة من الورد وشهادة تقديرية.

إلى جانب التكريمات، عرف الحفل فقرات موسيقية متنوعة أحياها شباب المدينة، الذين أمتعوا الحاضرين بألحان الطرب الكناوي، والموسيقى المغربية الأصيلة، والأغنية الأمازيغية الراقية، واختتم الحفل بمجموعة من الأغاني الأمازيغية الخالدة التي تميزت بها أبرز المجموعات الغنائية مثل “أزنزارن”، مما جعل الحضور يستعيد ذكريات الزمن الجميل للفن الأمازيغي.

أثبتت هذه الأمسية أن اللقاءات الفنية والثقافية في مدينة تيزنيت تمثل جسرا حقيقيا يربط بين الأجيال، فهي لا تسلط الضوء فقط على من بصموا بصمتهم في تاريخ الفن والموسيقى، بل تتيح الفرصة للشباب لاكتساب الخبرات وتطوير مهاراتهم في أجواء تحفز على الإبداع، وقد أضفى هذا الحدث الثقافي بعدا آخر لتاريخ المدينة، حيث كان الفن والموسيقى على الدوام جزءا من هويتها.

هذه الفضاءات الثقافية، كما يعكسها حفل نوستالجيا الفنان أحمد بن أكرى، تبرز دورا هاما في صقل وتشجيع المواهب الشابة، وتساهم في الحفاظ على التراث الموسيقي الأمازيغي، وتمثل فرصة لتقريب الأجيال وتواصل التجارب بين الماضي والحاضر، لقد كانت الأمسية شهادة حية على أن الفن والموسيقى يظلان عنصرين أساسيين في تعزيز الهوية الثقافية لمدينة تيزنيت وضمان استمرارية التراث الفني للمنطقة.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد