الصحافة صوت الحقيقة الذي لا يجب إسكاته، بقلم الحسين بكار السباعي.

في عالم مليء بالتحديات والأزمات ، تظل حرية الرأي والتعبير، وفي قلبها حرية الصحافة، حجر الزاوية في بناء المجتمعات الديمقراطية ، التي تحترم حقوق الإنسان وتصون كرامته . فالصحافة ليست امتيازا ، بل حق أصيل تكفله القوانين الدولية ومبادئ العدالة والإنصاف.

إن كل محاولة لإسكات الأصوات الحرة أو عرقلة الصحفيين عن أداء رسالتهم النبيلة ، لا تعد مجرد إعتداء على الأفراد العاملين في المجال الإعلامي ، بل هي إنتهاك صارخ لحقوق المجتمعات بأكملها. كما أن التضييق على حرية الصحافة يمثل حجر عثرة أمام حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات ، وحقهم في التعبير عن آرائهم بحرية ودون خوف أو قيد.

 

الصحافة الحرة والمستقلة عزيزي المتلقي ، هي مرآة المجتمع الحقيقية، و التي تعكس همومه وتطلعاته ، وتسلط الضوء على مكامن الخلل والفساد . إنها الحارس الأمين لمساءلة المسؤولين وكشف التجاوزات وضمان الشفافية ،وأي قيد يوضع على حرية الصحافة ليس دليل قوة ، بل هو انعكاس لخوف دفين من مواجهة الحقيقة ومحاولة بائسة لإخفاء الفشل والتستر على العيوب .

كما أن حرية الصحافة لم تكن أبدا مجرد شعار يرفع في المناسبات ، بل هي ضرورة حيوية تضمن تعددية الآراء وثراء النقاش العام ، وهي مؤشر على صحة الأداء الحكومي و كل إصلاح لاجتماعي حقيقي أو إقتصادي ، إنها تتيح تمثيل مختلف الأصوات، وتدعم الحوار البناء الذي يؤدي إلى التطور والازدهار .

 

الصحفيون أعزائي ، أولئك الذين يعرضون أنفسهم للمخاطر من أجل إيصال الحقيقة إلى الناس ، إنهم جنود العدالة وحماة القيم الإنسانية. وأي إعتداء عليهم أو تضييق عليهم ليس فقط جريمة ضد الأفراد ، بل ضد المجتمع بأسره، لأن أي محاولة لتقييد عمل الصحفيين تقوض الثقة بين المواطن و مؤسساته ، وتضعف ركائز الأمن المجتمعي و تعرقل التنمية وتحول دون محاربة الفساد .

فأي قمع الكلمة الحرة النزيهة ، هو دليل على ضعف الحكومات وليس قوتها ، لأنه يعكس عدم قدرتها على تحمل النقد أو مواجهة الواقع .

في المقابل ، المجتمعات التي تسود فيها حرية الصحافة هي تلك التي تنعم بالاستقرار والازدهار، لأن النقد البناء وكشف الحقائق يشكلان أساس الإصلاح والتقدم .

كما أن الدفاع عن حرية الصحافة ليس مسؤولية الصحفيين وحدهم، بل هو واجب كل مواطن يؤمن بالعدالة وحقوق الإنسان . فالصحافة الحرة ليست رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هي ركيزة أساسية لضمان بقاء المجتمع نابضا بالحياة ، قادرا على مواجهة تحدياته بسلاح الحقيقة ، لا بسيف القمع والترهيب .

 

ختاما ياسادة، إن حرية الصحافة ليست مجرد مطلب مهني للصحفيين، بل هي واجب أخلاقي وإنساني ، وضمانة لتحقيق العدالة والكرامة ، فبدون صحافة حرة مستقلة، تضيع الحقيقة، ويهدر الحق، ويتراجع المجتمع إلى ظلمات الاستبداد والخوف.

بقلم الحسين بكار السباعي: محام وباحث في الهجرة وحقوق الانسان.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد