أسس و مرتكزات التنمية المجالية من خلال توجيهات خطاب العاهل المغربي دورة أكتوبر 2025.

بقلم: إبراهيم العباسي طالب باحث في التاريخ المعاصر جامعة ابن زهر.
في 10 أكتوبر 2025، ألقى الملك محمد السادس، نصره الله، خطابًا ساميًا أمام البرلمان المغربي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية، في سياق حافل بالتحديات الداخلية والإقليمية. يأتي هذا الخطاب بعد أسابيع قليلة من احتجاجات “جيل زد 212″، التي قادها شباب يعبرون عن غضبهم من البطالة والفساد والفوارق الاجتماعية، مما جعل الأنظار تتجه نحو الرسائل الملكية كإشارة لتهدئة الاحتقان وتوجيه المسار نحو تنمية مستدامة يبرز الخطاب كوثيقة استراتيجية، على التوجيهات للحكومة، والبرلمان، مع التركيز على بناء “مغرب صاعد” يحقق عدالة مجالية واجتماعية، ويفتح آفاقًا لجيل الشباب كجيل المستقبل في التدبير والتسيير. كما يقترح حلولاً عملية للحد من التوترات، رغم التحديات الخارجية مثل خطط الجوار الإقليمي الفاشلة، التي غالبًا ما تعيق الاستقرار.

يبدأ الخطاب بتقدير الجهود البرلمانية في التشريع ومراقبة الحكومة، لكنه يدعو إلى “روح الجدية والمسؤولية” في السنة التشريعية الأخيرة، لاستكمال المخططات و”الدفاع عن قضايا المواطنين”. هذه التوجيهات ليست مجرد إشادة، بل إطار عمل يربط بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج، محذرًا من أي “تناقض أو تنافس” بينهما. يؤكد العاهل المغربي على دور البرلمان الذي له مهمة ”تأطير المواطنين” بالمبادرات الحكومية والقوانين المتعلقة بحقوق الحريات، مشددًا أن هذه المسؤولية مشتركة بين الحكومة، الأحزاب، المنتخبين، والمجتمع المدني. كما يشيد بالدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، داعيًا إلى تعزيزها في خدمة “القضايا العليا للبلاد”، مما يعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الدور الخارجي للمغرب في مواجهة التوترات الإقليمية

هذه الإشارات القيمة تُقرأ كدعوة لتغليب “المصالح العليا للوطن”، حيث يطالب الملك الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، بـ”تعبئة كل الطاقات” أمام التحديات القادمة، مع الالتزام بنزاهة ونكران في سياق الاحتجاجات الشبابية، يُفسر هذا كرسالة حازمة للفاعلين السياسيين لتجاوز الخلافات وتركيز الجهود على التنمية الشاملة لبناء مغرب الغد الذي يراهن على التنمية المجالية والاستراتيجية.

الخطاب الملكي لافتتاح الدورة الخريفية بمتابة خارطة طريق لـ”مغرب الغد”، حيث يُعيد التأكيد لـ”تسريع مسيرة المغرب الصاعد” عبر إطلاق “جيل جديد من برامج التنمية الترابية”. هذه البرامج ليست مؤقتة، بل “توجيه استراتيجي” يتجاوز الزمن الحكومي، كما يهدف إلى تحقيق “عدالة اجتماعية ” و”تكافؤ الفرص” بين المجالين الحضري والريفي وبسرعة متوازية.

تعد التنمية المحلية المرآة التي تعكس تقدم المغرب المتضامن”، محذرًا من أن العدالة ليست “شعارًا فارغًا” بل رهانًا مصيريًا يحكم السياسات التنموية

من أبرز الأولويات الاستراتيجية التي راهن عليها العاهل المغربي فيما تبقى من عمر هذه الحكومة: تشجيع المبادرات المحلية، خلق فرص الشغل، النهوض بالتعليم والصحة، والتأهيل الترابي. دون ان ننسى دعوته إلى “تغيير ملموس في الذهنيات عبر تغليب المصلحة الفضلى للوطن من خلال ” ترسيخ “ثقافة النتائج” عبر معطيات ميدانية وتكنولوجيات رقمية، كل هذا لنحقق “علاقات رابح-رابح” وضرورة إعطاء كل العناية للمناطق ذات خصاص خاصة الهاشة منها خصوصا المناطق المتضررة جراء زلزال الحوز وباقي المناطق الجبلية التي تغطي 30% من التراب الوطني، والواحات التي تتعرض كل مرة للحرائق مما تسبب في تأخر التنمية المجالية لما ينتج عنها من ضياع كبير من ارث تاريخي عريق ومتأصل. وتوسيع برنامج “المراكز القروية الناشئة” لتدبير التوسع الحضري وتقريب الخدمات من العالم القروي والاهتمام بالتنمية المستدامة للسواحل عبر تفعيل وتنزيل القوانين المتعلقة بالتدبير الأمثل للسواحل بغية تحقيق تنمية اقتصادية بحرية.

هذه التوجيهات تحول التنمية المجالية إلى أداة استراتيجية لتعزيز التماسك الوطني، في وجه التحديات الخارجية.

أما شباب اليوم ، فقد خصص الخطاب مساحة مهمة مع إشارات صريحة كأولوية في توفير لهم فرص الشغل، وهي إشارات التقطت للإجابة على جيل اليوم ”جيل زد”212 الذي طالب في جل تظاهراته أمرين أساسيين اصلاح التعليم والصحة معا، مع توفير الشغل، اما الأمر الثالث المطالبة بإقالة الحكومة، فالناظر والمتأمل لمضمون الخطاب فقد أجاب لهذه الفئة ذات المشروعية في قراراتها المتعلقة بإصلاح القطاعين والشغل، حيت نجد دعوة صريحة إلى إصلاحات سريعة خلال ماتبقى من عمر هذه الحكومة وبالمناسبة، وحسب ما أشار إليه العاهل المغربي انه اخر خطاب لهذه الحكومة واخر دورة في عمرها ، عليها بالتسريع الى إصلاحات سريعة لتحسين الخدمات مع إيجاد فرص الشغل ومحاربة الفوارق والتركيز على الهشاشة والسرعة في انهاء البرامج المسطرة لهذه الحكومة قبل متم ولايتها. مقابل تغيير العقليات والانخراط الأمثل الشبابي للتدبير المقبل مع تغيير العقليات لفتح افاق أمثل لمستقبل غد أفضل، لمغرب النماء الذي تنتظره انتظارات كبرى وللحد من الاحتقان الداخلي، بل العمل على التصدي للتحديات الخارجية ، وكما سبقت الإشارة الى ذلك كالتوترات مع الجارة الجزائر والصراعات الإقليمية حول الصحراء المغربية ومسألة الحدود، كل هذا يحتاج الى جيل جديد مع عقليات ديبلوماسية تدبيرية تخدم مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ومن خلال تعزيز ديبلوماسية برلمانية وحزبية لتعزيز الدور الأمثل للتنمية الترابية والاقتصادية معا.

في الختام، يُعد خطاب دورة أكتوبر 2025 دليلاً لـ”مغرب النماء”، يجمع بين التوجيهات بغية تحويل التحديات الى غد أفضل. وكل نجاح للمدبر المتمثل في الحكومة بمثابة علاج يخفف، بل يحقق طموحات شباب اليوم جيل ”زد’‘212ويُعزز الاستقرار أمام تحديات الجوار المضطرب الذي يطمح ومن ضمن مخططاته تصريف أزماته الداخلية جراء ضغوطاته الخارجية في قضيتنا المشروعة..

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد