يوميات حسان

آخر تحديث : الإثنين 11 سبتمبر 2017 - 6:07 مساءً
2017 09 11
2017 09 11
ifninews

بقلم: صفاء بومريس

عاد حسان بن احمد الجوري من عمله مرهقا متعبا, يتصبب جبينه الحنطي ذي التجاعيد الخفيفة عرقا, لا يكاد يتوقف حتى  يغسل وجهه المحمر بماء الصنبور البارد ,لعله يخفف ضغط حرارة الشمس المرتفعة.

ذهب صوب محل تجاري كالمعتاد ليشتري ما يسد به جوعه ورمقه, هو ولإخوانه الثلاثة,  ليكمل الوجهة الى شقته  المتواجدة بعمارة في انحاء الدار البيضاء بالمغرب ;الشقة التي تمثل له مصدر الراحة والطمأنينة و ساعات من التأمل, بعد مرور عام من هجرته  رفقة احد صحبه و اخوانه الصغار من دمشق الحبيبة .

بدأ حسان فترة من الكمون و الاسترخاء, يستعيد فيها امنه و استقراره, كي يتمم يومه هذا براحة وهناء ,تارة يلعب و يداعب اخوانه الذي لم يتجاوز عمرهم ثمان سنوات, و تارة يغوص في اعماق افكار و متخيلات و هو يعيد احياء ذكريات مؤلمة لا يمكن نسيانها ,و لم لا و قد دونت ضمن ابشع ما تعرضت له البشرية في التاريخ, و لا زالت , لا احد يعلم هل ستنتهي  ام لا !!

مازال مشفقا على اخوانه الصغار الابرياء, ابتسامتهم توحي تماما عكس ما عاشوه;  اغتصبت طفولتهم و هم في غفلة عن واقعهم المر, ظنا ان هذه الاحداث هي مجرد حلقات تعرض على شاشة قناة للأطفال.

لم يتذوقوا طعم الطفولة كباقي الاطفال, لم يعرفوا قط ان للعب و المرح معنى, لم يعلموا ان ترديد كلمات حجر –ورق- مقص مجرد لعبة, بل كانت بالنسبة لهم عنوانا ليومياتهم البئيسة ;كان بالنسبة لهم الحجر اداة للدفاع عن ارواحهم البريئة ضد النظام السوري, و الورق فكان اداة للتراسل بينهم وبين ابيهم الذي قضى ان يمضي ما تبقى من حياته سجنا بدون تهمة ,بل ظلما و عدوانا على الشعب السوري, اما المقص فكان اداة اخيهم حسان للخياطة يخيط بها بعض التنورات و العباءات التي تكسبه بضعة دراهم ; الدراهم التي استطاعت ان تنسيه فقر الجسم ولم تنسه الم فقدان باقي اسرته…

ifninews
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

لا يسمح بنشر التعليقات المسيئة أو التي تحمل كلمات نابية أو التي تمس بالدين والوطن والحرمات ..

google.com, pub-6836280101003033, DIRECT, f08c47fec0942fa0