ما هي الرسالة من وراء اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية طهران؟

آخر تحديث : السبت 3 أغسطس 2024 - 10:23 مساءً
2024 08 03
2024 08 03
ما هي الرسالة من وراء اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية طهران؟
بقلم : مصطفى اغلاسن
ifninews

الرسالة وبالمختصر المفيد، إسرائيل ومن خلال جهازها الاستخباراتي “الموساد” تقول للجميع وبدون استثناءات وأسطر عليها بالخط العريض، يدها طويلة ولا أحد يستطيع قطعها، الجهاز بكل وسائله وإمكانياته وعملائه، استطاع التوغل لدرجة تجاوز أو بالأحرى استباق الاستخبارات الداخلية والخارجية  للعديد من الدول، إيران نموذجا.

من خلال هذه النقطة استطاع الموساد الإسرائيلي، تحقيق أهداف مباشرة سواء في لبنان أو إيران أو اليمن أو سوريا… واللائحة طويلة، قلت استطاع هذا الجهاز الوصول إلى أهدافه بدقة كبيرة وبهامش خطأ شبه منعدم، مما يبين ولا يدع مجالا للشك أن الجهاز له مصادر قوة دقيقة سواء تعلق الأمر بالجانب البشري أو اللوجستي العالي التقنية.

جانب التقنية الذي أشرت له هو عنصر القوة الذي يعتمده جهاز الموساد بالدرجة الثانية من حيث الفعالية والتنفيذ الدقيق لعمليات الاغتيال، أما الجانب الأول فهو الجانب البشري المكون والمدرب على أعلى المستويات ودرجات الجهوزية لمثل هذه التدخلات، فهو خلق من أجل هذا لا غير.

مرة أخرى حينما نتحدث عن جانب التقنية والهواتف المحمولة وارتباطها بوسائل التواصل الاجتماعي وبالدرجة الأولى بالإنترنت، وعلاقتها بالاغتيالات، نرجع إلى الوراء قليلا، حينما دعا الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مقاتلي الحزب وعائلاتهم وأهل الجنوب اللبناني إلى الاستغناء عن “الهاتف المحمول”، ووصف نصر الله الهواتف المحمولة “بالجاسوس القاتل”، الذي يقدم معلومات دقيقة “ومجانية” لإسرائيل.

وقال نصر الله في كلمة له بمناسبة “يوم الجريح”: “أدعو إلى الاستغناء في هذه المرحلة عن أجهزة الهاتف الخلوي الذي يعتبر “عميلا قاتلا”، وأضاف: “يجب أخذ الحيطة والحذر من المعلومات التي يتم إرسالها عبر أجهزة الهاتف الخلوي”، وصرح نصر الله بأن “الكاميرات الموصولة بشبكة الإنترنت تقدم أكبر خدمة للعدو حسب تعبيره ولذلك يجب إطفاؤها في هذه المعركة”، وذكر في السياق ذاته أن “العدو حسب تصريحه أنه يستند بشكل أساسي في اعتداءاته على القدرات الفنية التجسسية”.

بعد كلمة نصر الله يتبين لنا بالدليل الملموس والقاطع أن هناك حرب أخرى حامية الوطيس لا تعرف النوم ولا الراحة، حرب تلقي ظلالها وخبرتها وسلاحها بعيدا كل البعد عن مرأى ومسمع شعوب العالم الغارقة أعينها ومسامعها في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بالشبكة العنكبوتية التي زرعت ونسجت خيوطها بإتقان في كل زاوية بيت ومحل في العالم.

الحرب التي تدار اليوم في غزة، كشفت لنا جزءا خفيا وبسيطا من هذه المعركة التي كان جهاز المخابرات الإسرائيلي سواء الشاباك أو الموساد يعد لها العد منذ تكوين هذا الكيان، وبطبيعة الحال بدعم خارجي كبير لا حدود له.

إذن حينما نعود إلى السؤال الذي بدأت به هذا المقال: ما هي الرسالة من وراء اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية طهران؟

أظن أن الكثير منكم سيتبادر في ذهنه أجوبة متعددة وكثيرة، ولكنها تصوب كلها في خانة واحدة وهي أن هذا الكيان بلا شك مصدر تهديد وقلق يجب أخذ أكبر درجات الحيطة والحذر منه، حينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تريد وتبحث عن سبب لغزو العراق، ولم تجد طريقا لاغتيال صدام حسين أو محاولة تجنيد عملاء في محيطه الرئاسي بالرغم من وجود محاولات قليلة لم تصل إلى درجة ما نراه اليوم من طرق كثيرة ومختلفة في تنفيذ عمليات الاغتيال، فلم تجد سوى الملف النووي العراقي، وهو بطبيعة الحال حجة وأعطت لها الشرعية للتدخل والاجتياح العسكري المباشر للقضاء على النظام وأسس الدولة وقواعدها التي بنيت منذ عشرات السنين، وإرجاعها إلى نقطة الصفر.

من العبر والخلاصات التي يجب أن نأخذ منها كافة أوجه الحيطة والحذر، هو هذا التوغل الاستخباراتي الكبير لعناصر الموساد وعملائه في العالم، وهنا لا يجب أن نستثني أي دولة بعينها، قلت أن هذا التوغل وهذا الاختراق سواء الميداني أو التكنولوجي التقني، يضع الكثير من الأجهزة الاستخباراتية الداخلية والخارجية للكثير من الدول، أمام اختبار وتحد كبيرين، يستدعي منها أعلى درجات اليقظة والحيطة والحذر، لأن الحرب التي تدار اليوم في الشرق الأوسط، ليس ببعيد أن يتم تصديرها بشكل من الأشكال إلى مناطق أخرى ودول معينة.

التحدي الحقيقي اليوم ليس في امتلاك السلاح والعتاد العسكري، بقدر ما هو السبق في الحصول على المعلومة سواء بالداخل أو الخارج، لأن المعلومة الاستخباراتية هي التي تحسم العديد من المعارك قبل بدايتها، المعلومة تبقى سلاحا ذو حدين يجب التعامل معها بالحساسية المطلوبة، وهذا هو منطق جهاز الموساد الذي استثمر جميع وكافة إمكانياته منذ نشأته إلى الان، من أجل الوصول إلى هذه المعلومة بكل الوسائل وبأي ثمن أو تكلفة.

الرهان والتحدي الحقيقي الان،  بيد أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية للعديد من الدول من تحصين جبهتها الداخلية والخارجية من هذا الاختراق الخطير وغير المرئي والذي تدار بعض حروبه وتوغلاته على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الهواتف والأجهزة الذكية التي قد تبدو للبعض أنها مجرد أداة للترفيه والتنفيس عن النفس، بقدر ما هي أداة خطيرة ومصدر مباشر للمعلومة الاستخباراتية التي تكون أنت أو أنت سببا مباشرا وغير مباشر في إعطاء هدية استخباراتية مجانية لعدو متخفي، قد يوظفها ويسخرها ضد أهداف معينة تمس حياة الاخرين من جهة أو دولة من جهة ثانية.

ifninews
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

لا يسمح بنشر التعليقات المسيئة أو التي تحمل كلمات نابية أو التي تمس بالدين والوطن والحرمات ..