
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،2022.
ما إن أطلق المغرب فرص بناء برنامج تنموي جديد حتى جاءت احداث ثلاثة زلزلت كل توازنات العالم و العالم العربي بالخصوص ، ولم يخرج المغرب عن تلك القاعدة ،
فكان الربيع العربي ،وبعده كورونا ثم الحرب الروسية على اوكرانيا ،
وقائع غيرت اجوندات دول ، واطاحت بأخرى ،واوقعت أخرى في مفترق الطرق ،و خلخلت كل التصورات و الرؤى حول طبيعة الدولة و الحكم و الاقتصاد و تدبير المؤسسات ،
- الربيع العربي عجل بوضع دستور جديد ،دستور يبني رؤيته على تعاقد جديد يبقي على نظام الحكم على قاعدة شرعية تاريخية تزكيها مؤسسات سليمة و خيارات واضحة لبناء دولة الحقوق و الواجبات ،
- ولما حلت كورونا ، عرت الوجه المسكوت عنه في البلاد ، فئات إجتماعية واسعة ،تقدر على ضمان عيشها خارج منظومة الدولة عبر اقتصاد غير مهيكل ،يجني قوت اليوم بلا تغطية صحية و لا عدالة في القضاء ،ولا تعليم منتج للنخب ….
إغلاق الفضاءات العمومية بسبب كورونا كشف عن حجم هذه الفضاءات التي تعمل خارج منظومة الدولة ،لا ضرائب ،لا حقوق، لا واجبات ، مواطنون يهيمون على وجوههم كل صباح يقتاتون من فتات ما يتبقى من طبقات متوحشة طغت واغتنت من برامج الدولة ،
آمنت الدولة بأن طبيعة حكمها تفرض عليها التضحية و الوقوف الى جانب كل المغاربة لتجاوز هذه الأزمة العالمية ، وهو ما تحقق عبر مبادرات استباقية ، و تدخلات للحفاظ على التوازن ،
لكن في واقع الامر كل المبادرات كانت في غالبها مساعدات وقرارات استثنائية لم تعالج اصل المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع .
فجاء التحرك الملكي مجددا ليقف عند اصل الخلل في البناء المجتمعي ، فجاءت التغطية الاجتماعية والصحية ، لتنتشل ملايين المغاربة من الاقتصاد الريعي الغير مهيكل الذي ينخر المجتمع والأسر ، مشروع كبير لازال في بداياته وان كانت حرب أوكرانيا وروسيا قد عثرته و جمدت حركته .
وسط كل هذه التقلبات ، أجرى المغرب انتخابات استثنائية في نتائجها رمت بالحزب الحاكم لولايتين منذ الربيع العربي الى اسفل ترتيب الأحزاب حتى انه لم يستطع تكوين فريق نيابي ،ولا تسيير اي من الجهات والمدن الكبرى ،
وكأن المغاربة ارادوا اعلان بداية جديدة أساسها التوافق مع الحكم عبر اختيار احزاب يراها المواطن في توافق مع النظام ،ومن شأن ذلك أن يخلق جوا مناسبا لتنزيل برامج و مخططات قادرة على استدراك الوقت الضائع و تنزيل نموذج تنموي جديد ….
انتظروني في الجزء الثالث ،
فهل تعتبرون ؟
لا يسمح بنشر التعليقات المسيئة أو التي تحمل كلمات نابية أو التي تمس بالدين والوطن والحرمات ..